الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث الهادي القنّيشي (مدير معهد ابن رشد بحي الرياض سوسة): تصدّيت إلى عملية غشّ في الباكالوريا فنلت 28 غرزة

نشر في  02 جويلية 2014  (10:48)

أمام ثقل المسؤولية ونداء الواجب لم يتوان مدير معهد ابن رشد ورئيس مركز الاختبارات الكتابيّة في التصدّي إلى محاولة غشّ في اختبارات الباكالوريا دورة المراقبة حيث عرّض نفسه للموت عندما حاول سائق السيارة دهسه لكن من ألطاف الله أنّه أغمي عليه ولم يمت بل لحقت به جروح بليغة ورضوض كثيرة ألزمته الفراش لفترة طويلة..
هذه الحادثة تناقل صداها كل المواطنين وتعاطفوا مع مدير المعهد كثيرا وأثنوا على تصرّفه الذي يبرز مدى تعلّقه وحبّه لمهنته ونقاوة ضميره لذلك تحوّلنا لزيارته بمنزله والاطمئنان على صحّته والحديث معه حول الحادثة.. وكان لنا معه الحوار التالي...

كيف هي أحوالك بعد الحادثة؟
ـ الحمد لله على ما أصابني وقد اكدت الكشوفات سلامتي من الكسور والنزيف الاّ اني تعرّضت الى رضوض عديدة وآلام شديدة على مستوى يدي مع صعوبة الحركة اضافة الى اصابات في الكتف وفقرات الرقبة وجروح على مستوى الأذنين تمّ رتقها بـ21 غرزة أمّا عيني اليسرى وتمّ رتقها بـ7 غرزات.
سي الهادي لو تعيد الينا أطوار الحادثة وأسبابها؟
ـ البداية كانت يوم الخميس الفارط على الساعة الثامنة والنصف صباحا حين أبلغني أحد الأساتذة المنسّقين انّ هناك تغيير بمخطّط القاعة عدد8 الذي لا يتوافق مع ما هو موجود بالورقة فأردت التأكّد من صحّة ذلك فاكتشفت انّ هناك تلميذان يحاولان الغشّ في الامتحان فنبّهتهما الى خطورة فعلتهما ثم أعدت الأمور الى نصابها حتى لا تحدث «شوشرة» بالقاعة وفي الأثناء  أتاني حارس المعهد وأبلغني ان رجل الأمن يطلبني فأمدني هذا الأخير بمسودّتين نظيفتين غير مستغلّتين وجدهما وراء القاعات مختومة بالطابع وعليها تاريخ يوم الخميس (يوم الحادثة) رماهما تلميذ أو تلميذان من الشباك لاستغلالهما في عملية  الغشّ حيث يقع اعداد الاختبار عليهما ثمّ اعادتهما الى التلميذين عندها تسلّمت الورقتين وعدت الى القاعة للتثبّت فوجدت تلميذا دون ورقة بينما الآخر «دبّر راسو في واحدة» وطلبت من المراقبين تشديد المراقبة والانتباه جيّدا لكلّ الحركات ثمّ خرجت لمراقبة أطراف المعهد فوجدت مجموعة أولى متكوّنة من 4 شبّان وفتاة وأعرف أنّ هذه الفتاة صديقة التلميذ الذي لا يملك ورقة مسودّة فطلبت منهم الانصراف فانصرفوا جميعا مع العلم انّهم نجحوا جميعا في الباكالوريا ثم شاهدت مجموعة ثانية تتألف من خمسة أفراد أحدهم صاحب سيّارة عائلية أعرفهم جميعا فسألتهم عن سبب تواجدهم في هذا المكان فقالوا بكل جرأة:«نريد مساعدة أصدقائنا، ياخي ناس تنجح وناس ما تنجحش!» فطلبت منهم الانصراف أو سأضطرّ لطلب أعوان الأمن فكانت اجاباتهم فيها استهتار كبير وسخيفة عندها طلبت المساعدة من رجال الأمن ووقفت أمام السيارة فأدار السائق المحرّك وصدمني بها، في البداية لم أسقط على الأرض لأنّني استدرت وتمسّكت بشباك السيارة حتى رماني أرضا.
ماذا تقول عن حالات الغشّ المتكرّرة في الباكالوريا والتعدّي على المربّين؟
ـ هي مسائل مرفوضة مضمونا وشكلا وبكلّ المقاييس، هذا الأمر يؤدّي الى انحدار المنظومة التربوية وتراجع شهائدنا بين الشهائد العالميّة ويؤدّي الى عدم الاعتراف بقيمة الشهادة التونسيّة.
وما هي الأسباب التي أدّت الى مثل هذا الوضع؟
ـ  تعود الأسباب الى طبيعة المنظومة التربويّة التي يجب مراجعتها مراجعة جذرية لانقاذ الأجيال، المربّون والإداريون لا يستطعيون تأدية واجبهم إذ يتعرّضون الى الهرسلة والضغوطات.
هذا يجرّنا للحديث عن مدى مصداقيّة شهادة الباكالوريا، حسب رأيك في أيّ مكان تضعها؟
ـ طرحت هذه المسألة سابقا ونادينا كما نادى زملائي جميعا بمراجعة المنظومة التربوية مراجعة جدّية وصارمة لأنّه بمثل هذه التجاوزات والممارسات نحطّ من قيمة الشهائد ككلّ، فكلّ شهادة تصدر عن مؤسسة تربوية عمومية ستكون مكانتها ضعيفة على المستوى القومي هذا الأمر يخيفنا لأنه يمسّ من سمعة العلم ومكانته في تونس.
ما هي الحلول التي تطرحها لإنقاذ المنظومة التربويّة من هشاشتها؟ كيف السبيل للقضاء على مثل هذه التجاوزات؟
من بين الحلول المطلوبة ايجاد قاعات للمراجعة لحماية التلميذ من خطر الشوارع وتوفير اطار اشراف تربوي كاف لتوفير الظروف الملائمة لخدمة المنظومة التربوية فعلى سبيل المثال هل يعقل أن نوفّر لـ870 تلميذا 5 قيّمات فقط ولاوجود لقيّم من جنس الذكور، هذا موجود بمعهد ابن رشد المهمّ حماية المؤسّسة التربوية خاصة من الاعتداءات والتجاوزات الخارجيّة.
كأنّك تنادي باعتماد وسائل الرّدع حتى نجنّب المؤسّسات التربوية الاعتداءات حسب رأيك فيما تتمثّل؟
ـ لابدّ ان يأخذ القضاء مجراه في كل القضايا المطروحة ولابدّ من اصدار عقوبات صارمة وحازمة فالاحكام المخفّفة تشجّع علي مزيد التجاوزات كما انّ على وزارة التربية اعادة النظر في منظومة العقوبات حتى تحفظ كرامة المدرّس وتعيد للمدرسة هيبتها مع عدم تجاوز القوانين كما  انّ المناشير واللوائح لم تعد كافية لردع التلميذ.
الحادثة خلّفت ردود فعل عديدة، هل وجدت تضامنا من جهات معيّنة؟ وهل ستؤثّر هذه الحداثة على مسيرتك المهنية؟
ـ بالطبع وجدت التضامن والمساندة وانا اشكر كل من وقف معي وساندني من زملائي في التعليم ونقابات التعليم الثانوي والابتدائي بجميع هياكلها والإطار الإداري بالمندوبية الجهوية للتعليم بسوسة من المندوب الجهوي رضا الحاج علي ومدير المرحلة الاعداديّة والثانوية جمال بودريقة ووزارة التربية التي تعهّدت بالأمر والسلط المحلية وكلّ وسائل الإعلام والمواطنين أبلغهم شكري واحترامي كما انّ هذه الحادثة ستزيدني اصرارا على العمل بينما ستأخذ القضية مجراها القانوني، وأختم ببيت شعر:
 ملأى السنابل تنحني بتواضع.. والفارغات رؤوسهنّ شوامخ

حاوره: لطفي مطير